لعائلتي الصغيرة طقوس لم يغيرها سوى اختفاء وجهُ أبي .
ساعة الظهيرة .. الغداء مجتمعين كل يسرد نهارهُ .. ثم قراءة كل ماكانت مصر تكتبه ولبنان تطبعه .. نتسابق انا وابي في من سيأخذ ماأشتراه من صحف ومجلات او ديوان شعرٍ جديد او رواية او كتاب سياسي . وكنت الخاسرة دوماً فلأبي حظوّةُ الاستحواذ على الأشياء بأولها فكنت اجلس في غرفتي استمع لموسيقى واقرء قديمي في انتظار صوت سقوط الكتاب او مايحمله ابي من مطبوعة ع...لى الأرض حين يستغرق في نومته.. حينها اركض واتسلل الى غرفته بهدوووووء شديد لآخذ ماسقط من يديه .
وكان محمود درويش احد الذين سقطت اوراقهم من يد رجلَ حياتي . أبي .
وعرفته كنت ربما في الصف الخامس ابتدائي اول ماقرأته كانت ريتا والبندقية واحببتها .. حفظتها .. ورددتها على اسماع صديقتي ريتا في المدرسة . واستمرت علاقتي بدرويش حميمة مُترقبّة نهمّة لااشبع ولم ارتوي يوماً مما سطّرت احاسيسه حتى كان يوماً .
شدييييييييييد الازدحام لامكان لموطأ قدم .. الكل يتهافت ليجد لنفسه مكاناً فالأمسية الليلة لمحمود درويش .. المكان .. بغداد .. المناسبة مهرجان المربّد . وكنت احدى المئات الذين لم يستطيعوا ان يحضوا بكرسي للجلوس والتحليق فيما سيلقيه علينا نحنُ المتعطّشين حد الظمأ لكل مايكتبه .
ليلتها لم أستطع الحصول سوى على مكان صغيرٌ جداً على احدى السلالم التي تؤدي الى مِنصّة المسرح .. وبدأت كثعبانٍ اتسلل بين الموجودين بكل أدب وربما كل خُبث زاحفةً اريد التقرب ماااااااااااااااااااأستطعت من المِنصه .
وصعد درويش المسرح ملكاً متوّجا لمملكة كنت اتمنى ان اكون احدى صعلوكاتها والقى ( من فضّة الموت الذي لاموت فيه ) .. وياااااااااااالروعة ماألقاهُ :
نسيانُ أمرٍ ما صعودٌ نحو باب الهاويهْ
هذا أنا أنسى نهاياتي وأصعدُ ثم أهبطُ. أين يُمْتَحنُ الصوابْ؟
هل في الطريق، أم الوصولِ إلى نهايات الطريق المُفْرحَهْ؟
وإذا وصلتُ فيكَيفَ أمشي؟ كيفَ أرفعُ فكرةً أو أغنيهْ
ضيَّقْتُ هاويتي لتكبر خطوتي فيها، وأجلستُ السماء على الحصى
وعليَّ أن أنسى لأنفضَ عن يديَّ سلاسل الطُرقِ الكثيرهْ
وعليَّ أن أنسى هزائميَ الأخيرة كي أرى أُفُقَ البدايهْ
وعليَّ أن أنسى البدايةَ كي أسيرَ إلى البدايةِ واثقاً منِّي ومِنها
ولأنني ما زلتُ أسألُ، لا أرى شكلاً لصوتي غيرَ قبوي
هل كان معيارُ الحقيقةِ دائماً سيفاً لأخفي فكرتي مُذْ طارَ سيفي؟
مَنْ يستطيعُ البحثَ عن سفحٍ لصوتٍ خرَّ في الوادي السحيقْ؟
مَنْ يستطيعُ البحث عن أممٍ أتانا صمتهُا عبر الخيول الفاتحهْ
وتزوَّجتْ لغةَ العدوِّ تعلمتْ أديانَهُ واستسلمتْ لغيابها
هل في الطريق، أم الوصولِ إلى نهايات الطريق المُفْرحَهْ؟
وإذا وصلتُ فيكَيفَ أمشي؟ كيفَ أرفعُ فكرةً أو أغنيهْ
ضيَّقْتُ هاويتي لتكبر خطوتي فيها، وأجلستُ السماء على الحصى
وعليَّ أن أنسى لأنفضَ عن يديَّ سلاسل الطُرقِ الكثيرهْ
وعليَّ أن أنسى هزائميَ الأخيرة كي أرى أُفُقَ البدايهْ
وعليَّ أن أنسى البدايةَ كي أسيرَ إلى البدايةِ واثقاً منِّي ومِنها
ولأنني ما زلتُ أسألُ، لا أرى شكلاً لصوتي غيرَ قبوي
هل كان معيارُ الحقيقةِ دائماً سيفاً لأخفي فكرتي مُذْ طارَ سيفي؟
مَنْ يستطيعُ البحثَ عن سفحٍ لصوتٍ خرَّ في الوادي السحيقْ؟
مَنْ يستطيعُ البحث عن أممٍ أتانا صمتهُا عبر الخيول الفاتحهْ
وتزوَّجتْ لغةَ العدوِّ تعلمتْ أديانَهُ واستسلمتْ لغيابها
وتطول القصيدة ... ينهيها على اصوات اكفنّا الملتهبة بالتصفيق الحار العاشق لما يكتب .. طالبه وزير الثقافة بأعادة القائها مرة ثانية .. فأستجاب بعد ان أرتشف قليلٌ من الماء .. وابتدء من جديد .. هو يقرأ وانا ابكي .. اجهشُ بالبكاء .. يقرأ وأذني تسمع صوت سقوط اوراقه من يد ابي وهو يغرق في قيلولته الأخيرة .
انتهى من القاء قصيدته .. والتهبّت قاعة الخلد ... بتصفيق أجزّم ان جدران القاعة لم تسمع مثله ابداً .. لأني استطعت الأقتراب جداً من المنصّة .. كان عليه المرور بقربي ليصعد السلالم ليصل الى بوابة الزوّار الكبار .. من فرط ارتباكي حاولت الالتصاق بالجدار ورائي لأفسح له ولحمايتِه مكاناً للمرور .. وكنت مازلتُ اجهّش بالبكاء .. هول المفاجأة عقد لساني وواللهي لاادري كيف ولماذا ... مرَّ بقربي وتوقف للحظات ... للحظااااااااااتٍ فقط كان عند نزوله من المنصة تنتظره مئات سلال وبوكيهات الزهور وبكل انواعها . مجاملة منه قطف من احدى السلال ربما وردة بيضاء .... في هذه اللحظات السريعة توقف ونظر بوجهي فأرتبكت ايّما ارتباك بين مصدقّة .. مكذبّة .. بين ان افسح له طريق .. وبين ان امسح عن وجهي طوفان الدموع ... ابتسم لي واعطاني الوردة البيضاء !!!
لااذكر هل ابتسمت له .. هل شكرته ... كل ماأذكره اني عدت للبيت ومازلت ابكي ....
ياعروّة الوصل الأولى لقصائدَ ستربطني بك لأعوااااااامٍ ستأتي .. يامشيمة ربطتني بكل حروفك وكلماتك .. قصائدك .. دواوينك .. مرضك .. قلبُك المتعَب .. غربتك .. فلسطينك .. بيّارات العنب .. زيتونك .. فرنسا .. والمهجر .. اعتراب سنينك .. يافضة الموت الذي لاموت فيه ولادرج ... اليك ياحبيبي كل دموعي وشهقاتي ... اليك أحلام طفولتي .. عِشقُ ابي .. اليك سيّد الشعر وآآآآآآآآآآخرُ رجالته .
اليك سيدي .... وردةٌ بيضاء مازلت احملها في اوراقي .... ماتبقى منها عطرُ فضّةُ الموت الذي لاموت فيه ولادرج .
اليك سيدي .. كلُ حبي .. حزني .. وكلماتي .. لريتاّ .. لخبز أمّه .. ليافا لحيفا اقول
وداعــــــا ..
السبت، 6 سبتمبر 2014
وداعا درويش
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق